الأربعاء، 9 يونيو 2010

عبدالمعين الذى لم يعين ..لماذا فشل البرادعى؟ بقلم : عبدالله كمال

لماذا فشل البرادعى ؟
بقلم : عبدالله كمال

أما وإن المحيطين بالدكتور محمد البرادعي قد بدأوا يرددون ضده ما كنت أكتب عنه ويهاجمونني عليه.. فإنني، بصراحة، كنت أنوي أن أتوقف عن التعليق علي مجريات هذه الظاهرة العابرة.. تاركاً القدر يغلي بما فيه إلي أن يتبخر هذا الذي فيه.. ولماذا أتدخل إذا كنت قد توقعت أفول الظاهرة وصاحبها.. بينما من صنعوها ونفخوا فيها كانوا يدفنونها.. ويتلو كل منهم عليها الصلوات دون تحسر. لكني آثرت أن أعود إلي هذا الملعب الصغير، بعيدا عن الملعب الإقليمي العريض، ربما لوضع بعض النقاط علي الأحرف المبعثرة.. وإلباس القبعات لمن قرروا تعرية رؤوسهم والدعاء علي الدكتور البرادعي بدلا من الدعاء له.. علي أن أترك الأمر لبعض وقت آخر.. ثم أعود إليه.. إذ أعتقد جازمًا انه سوف تنتج عنه بعض الأبخرة الأخيرة.. بعد حين.

لقد كنت أول من وصفه بـ «السياسي السائح»، وقلت إنه «غريب مغترب»، معزول عن المجتمع ومنعزل حتي عمن أحاطوا به.. وكتبت أيضا ان بعضا من أفراد الفريق الذي انتمي إليه ايديولوجياً كانوا يتحفظون علي إصراري علي أن أواصل نقد الدكتور البرادعي.. بينما كنت مقتنعا بأن علي أن أضيء الطريق أمام الرأي العام.. خصوصًا بين بعض الشباب الذين اعتقدوه مخلصا.. ورمزا.. بينما هو يفتقد إلي الحد الأدني المطلوب لرئاسة حزب ليس إلا.. فما بالك برئاسة الجمهورية؟

مجموعة من الأسباب الموضوعية والشكلية هي التي أدت إلي ألا تستغرق تلك الظاهرة في المحيط السياسي المصري أكثر من أربعة أشهر.. منذ عاد البرادعي إلي وطنه بعد اغتراب 30 عاما.. وفيما يلي ما أعرفه معلوماتياً وما أرصده تحليلاً:

فضلا عن أنه افتقد المؤهلات الاساسية للسياسي الذي يريد أن يشارك في حراك مصر.. وعن أني قلت إن من يريد أن يصبح رئيسا لناد لابد أن يكون أولاً عضواً في النادي. وأن من يرغب في أن يرأس اتحاد عمارة لابد أن يسكن أولا في العقار.. فإن الدكتور البرادعي بدا بعيدا عن أي فطنة أو حكمة سياسية.. لا يتوجه إلي الرأي العام من عليائه فحسب.. بل كانت تلك هي لغة خطابه مع من أحاطوه وشجعوه.. وقد كشف عن «نرجسية» مذهلة.. أقنع من خلالها نفسه بأنه «المخلص الأول في التاريخ للشعب»، وأنه «الذي كسر حاجز الخوف ضد السلطة منذ عصر مينا».. وأن المشكلة لا تكمن فيه.. بل في الشعب الخائف.. الذي لا يوقع علي التوكيلات المطالبة بتعديل الدستور.

ليس معروفًا ما الذي كان يعتقده من وراء هذه التوقيعات.. ولكنه كان مشبوبًا بأمل كبير من ورائها.. ولم يزل مقتنعا بتأثيرها الجوهري في مسيرته واكتساب شرعية مفتقدة.. رغم انه ليس لديه تصور بشأن الطريقة التي سيوظف بها تلك التوكيلات.. وغالبيتها غير موثقة.. ومن ثم فإن الإخوان قرروا ان يعبثوا به وبرغباته تلك.. فراحوا يعدونه بأنهم سوف يجمعون له التوكيلات.

افتقد الدكتور محمد البرادعي الخطاب المتماسك.. والرؤية الواضحة.. بل تميز بالارتباك والتردد.. يطلب دولة مدنية.. ويخطب ود الإخوان.. يعلن عن رغبته في دستور علماني ثم يتراجع عن مطالبته الخاصة بالمادة الثانية من الدستور.. يهاجم عصر عبدالناصر.. ثم يرضخ لمن يطالبونه بأن يتوقف.. والأخطر أنه لم يكشف عن قدرة علمية.. أو عن فكر عميق.. أو رؤية ذات معني تتجاوز قدراته كموظف دولي مرموق ومتقاعد.. بدا محدودًا في النقاشات التي كانت تجري معه.. والأهم أنه لم يرد علي الإطلاق أن يسجل أي موقف من إسرائيل.. حتي حين اعتدت علي قافلة أسطول الحرية.

وبدا هذا المضمون المرتبك غير محدد الملامح، تائها في وعاء شخصي غير مؤثر يفتقد «الكاريزما».. وليست لديه القدرات لاجتذاب الجماهير.. وجهه لا يعبر عن موقف.. ملامحه ملساء.. ولسانه الذي اعتاد الإنجليزية لسنوات لا يعينه في مواجهة متطلبات اللغة العربية.. فما بالك بالعامية.. لا يخرج من فمه اقتباس.. وحين يظهر تليفزيونيًا يكون من الأفضل ألا يظهر.. وكانت مأساته الكبري حين تسابقت عليه المحطات الخاصة فانكشف.. وكانت ذروة تعريه في المناظرة المتوازية التي جرت بينه وبين أحمد عز علي محطة «سي إن إن».

لقد تغاضي من أحاطوه عن خلافاتهم الجوهرية.. واندمجوا في جمعيته.. لسبب نفعي.. فهم أرادوه أن يقود النضال من أجل شعاراتهم.. بعد أن فقدوا الطاقة.. وأن يدفعوه إلي المقدمة.. تنازلاً عن أنهم هم الذين سبقوه إلي ميدان الحراك المصري.. لعل بريقه الدولي يمكن أن يعطيهم دفعة جديدة.. تنقلهم من قاع غرقوا فيه.. ثم تبين لهم أن «عبدالمعين» لا يريد أن يعين.. ولا يقدر.

طالبوه بأن يعلن نفسه مرشحًا للانتخابات الرئاسية فرفض.. أن يناطح.. وإن أدي هذا إلي صدام مع السلطة.. كما افترضوا.. فقال إنه لا يوجد ما يبرر هذه التضحية.. وكان كلما ضغطوا عليه قال إن «الراحة أولي».. وبيتي في جنوب فرنسا ينتظرني.. بل وقالوا له - افتراضا لحماقة انتظروها من السلطة- افعل أي شيء يؤدي إلي سجنك بضعة أيام.. فتتحول إلي مناضل له بريق أكبر بين الناس.. وكان يرد بأنه لا شيء يستاهل!

المؤكد أن الذين أحاطوا به تنازلوا عن الكثير لكي يمنحوه شرعية المقدمة.. غير أنه ثبت لهم أنه لا يقر في داخل نفسه باحترام حقيقي لهم.. ولا أريد أن استخدم مصطلح آخر.. لديه موقف «مترفع جدا إلي درجة التكبر والتعالي» علي النخبة المصرية.. وقد كرر هذه المعاني باعترافهم.. وثبت لهم أنه ربما كان «.... هم» ولن أضع الكلمة التي أريدها بين الأقواس.

غير أن السبب الأهم، لانقلابهم العلني عليه، من وجهة نظري، بخلاف كل ما سبق، هو أنه تبين لهم أنه لا يحظي بدعم حقيقي من «الإدارة الأمريكية».. وأن ما تردده الصحف الأجنبية حول هذا ليس سوي تخمينات غير موثقة.. وقد تبين هذا بوضوح حين دخل علي الخط الدكتور سعد الدين إبراهيم بمقال نشرته جريدة المصري اليوم.. انتقد فيه البرادعي بطريقة مروعة.. وأعتقد من جانبي أن دافع إبراهيم هو أنه لا يريد منافسًا له في الولايات المتحدة.. لكن المعني الذي بلغ مناصري البرادعي في مصر هو أنه لا يوجد غطاء أمريكي له.. ومن ثم لاحظ كيف تعامل معه الجميع بعد هذا المقال.. خصوصًا جريدتي المصري اليوم والشروق.. ثم الانقلاب الجماعي عليه إثر ذلك.

ولا تنفي كل تلك الأسباب، ما يمكن وصفه بأنه «السبب الكامن» الذي قرأه المحيطون بالبرادعي قبل غيرهم.. وهو أن السلطة في مصر لم تبد أي انزعاج ملموس من وجوده علي الساحة.. بل كانت تطالبه بأن يستكمل مؤهلات الترشيح الدستوري لانتخابات الرئاسة.. ولو بأن ينضم لأي حزب.. وكانت كل الأصوات الرسمية تعبر عن تقديرها له وتقول إن مشاركته مرحب بها.. وقد حلل المعارضون الذين استنفدت طاقاتهم أن هذا يعني أنه «لا يهم» الإدارة ولا يثير حتي تحسبها للمنافسة.. بل وذهب بعضهم إلي انه «مرحب به وفق خطة متفق عليها».. هكذا فعلاً.. وقضي الأمر.. إلا قليلا.. فسوف تتصاعد من القدر بعض الأبخرة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

التعريف الصحيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية كالآتي

"منظمة تخدم الدول الكبرى بتوفير الخدمات الفنية ومنح الغطاء القانوني للقيام بأي إجراء يمنع أي دولة أخرى من أن تخرج من دائرة نفوذ واحدة أو أكثر من هذه الدول الكبرى".

أما الذي يقبل منصب رئاسة هذه المؤسسة من بيننا فلا يخرج وصفه عن واحد من اثنين:
1. إما ساذج غير مدرك لمجريات الأمور في السياسة وتوزيع النفوذ الدولي.

2. وإما أن يكون وصولياً انتهازياً منعدم الهوية صاحب شهوة للشهرة يستمتع بمكانته في الأوساط الدولية وبين صناع القرار في المجتمع الدولي أياً كان الثمن.

أما عن جوائز نوبل فهل تسائلنا عن حائزيها -ونحن نتكالب دوماً على الاحتفاء بهم- من منهم كان من المناصرين لقضايا أوطانهم القابضين على هوياتهم وعقائدهم؟ أو ليست هذه الجائزة شهادة عليهم لا لهم؟

انضم للحمله بالضغط على احدى الروابط التاليه

http://www.facebook.com/pages/l-llbrdy/193834390196

http://www.facebook.com/group.php?gid=342954660004

http://www.facebook.com/group.php?gid=336358171615

Share

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More